تقنيةعاجل

تحديات المراهق العربي في العصر الرقمي.. بين العزلة والبحث عن الهوية

إعداد: فريق موقع السفير

تُعد مرحلة المراهقة من أكثر الفترات حساسية في حياة الإنسان، حيث يبدأ الفرد في بناء هويته الشخصية والنفسية والاجتماعية. لكن في العصر الرقمي، أصبح المراهق العربي يواجه تحديات غير مسبوقة، من ضغوط السوشيال ميديا إلى صدمات المقارنة والتشتت النفسي. وبين القيم التقليدية والتأثيرات الغربية، يشعر كثير من المراهقين بأنهم “عالِقون” بين عالمين. فكيف يمكن فهم هذه الأزمة؟ وهل المجتمع يملك أدوات المساندة الحقيقية لهم؟

 خلفية وسياق

في العقود الماضية، كانت تحديات المراهقة تتمثل غالبًا في الدراسة، العلاقات العائلية، والتحول الجسدي. أما اليوم، فقد أضيفت أعباء رقمية: الصور المثالية على إنستغرام، صراعات الهوية على تيك توك، والتنمر الإلكتروني على فيسبوك وسناب شات. هذه المنصات التي فتحت آفاقًا جديدة للتعبير، أصبحت في الوقت نفسه مصدر قلق وعزلة وقلق نفسي.

 وقائع وأمثلة واقعية

  • في دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2023، وُجد أن 36% من المراهقين العرب يعانون من أعراض الاكتئاب أو القلق المرتبط باستخدام الإنترنت.

  • ارتفاع معدلات الانتحار بين المراهقين في بعض الدول العربية، خصوصًا في ظل غياب الدعم النفسي في المدارس.

  • تجارب ميدانية أظهرت أن مراهقين يشعرون بأنهم لا يستطيعون الحديث مع الأهل بسبب اختلاف المفاهيم والقيم.

  • حالات إدمان ألعاب الفيديو والمنصات الرقمية تجاوزت في بعض الدول العربية 30% من المراهقين الذكور.

 التحليل والتفسير

أصبح المراهق العربي أمام معادلة معقدة:

  • يريد أن يعبر عن نفسه بحرية، لكنه يصطدم بقيم مجتمعية تعتبر ذلك “تمردًا”.

  • يبحث عن الاهتمام في الإنترنت، لكنه يصطدم بـ”مثالية زائفة” تتركه محطمًا داخليًا.

  • يريد تقبل ذاته، لكنه يواجه تنمرًا رقميًا أو مقارنة غير واقعية.

  • يعيش انفصامًا داخليًا بين حياته “الواقعية” في البيت والمدرسة، وحياته “الرقمية” على الإنترنت.

كل ذلك يؤدي إلى حالات من القلق، الاكتئاب، الانطواء، وحتى سلوكيات عدوانية أو إدمانية.

 رأي الخبراء

تقول الدكتورة نجلاء بن عيسى، أخصائية الصحة النفسية للمراهقين:

“المراهق اليوم لا يعاني فقط من صراع داخلي، بل أيضًا من فراغ في التواصل الحقيقي. الأهل والمعلمون لا يملكون الأدوات الكافية لفهم هذا الجيل الرقمي.”

ويضيف الأستاذ كريم أبو فهد، استشاري تربوي:

“لا بد من تطوير برامج دعم نفسي وتواصلي داخل المدارس، وإدماج الأهل في ورش عمل توعوية. الحل لا يكون بالمراقبة، بل بالحوار والانفتاح.”

 الخاتمة

جيل المراهقين العربي يواجه تحولات نفسية وثقافية غير مسبوقة. وبدلًا من لومهم أو إسكاتهم، حان الوقت لفهمهم ومرافقتهم في رحلة بناء هويتهم. إنها مسؤولية مجتمع بأكمله: البيت، المدرسة، الإعلام، وصناع السياسات. لأن ما نزرعه في هذه المرحلة، هو ما سنحصده في مستقبل الأمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى