أهم الأخبار

د/ أشرف عكة خبير العلاقات الدولية ،،للسفير،، “حرب الشرق الأوسط الكبرى: من طهران إلى غزة.. تصعيد الاحتلال الإسرائيلي يُشعل جبهات متعددة ويُنذر بانفجار إقليمي شامل”

كتب؛ محمد محرم

قال الدكتور أشرف عكة خبير العلاقات الدولية،، تمثل الضربات الجوية الإسرائيلية المكثفة على إيران في يونيو 2025 نقطة تحول فارقة في النظام الإقليمي، إذ تجاوزت حدود المناوشات التقليدية ودخلت مرحلة الاشتباك العسكري المفتوح بين قوتين إقليميتين مركزيتين. هذه الحرب جاءت في لحظة دولية مضطربة: اضطرابات داخلية في إيران، تصعيد غير مسبوق في الأراضي الفلسطينية، ومناخ دولي مأزوم بفعل تراجع الالتزام الأمريكي بالاستقرار العالمي، وعودة سباق التسلح النووي في آسيا.
وسط هذه المعادلة المعقدة، بات من الواضح أن هذه ليست مجرد “معركة” إسرائيلية إيرانية، بل شرارة قابلة لإشعال الشرق الأوسط بكامله. في هذا المقال نُحلل أبعاد هذا التصعيد من خلال ستة محاور مترابطة.
المحور الأول: الأهداف الحقيقية للحرب الإسرائيلية على إيران
تمتد أسباب الهجوم الإسرائيلي إلى ما هو أبعد من البرنامج النووي الإيراني. فإسرائيل تسعى إلى:
تفكيك شبكة النفوذ الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن، التي تُشكل “الهلال الشيعي”.
إضعاف القدرات الصاروخية الإيرانية، التي تُهدد العمق الإسرائيلي بشكل مباشر.
إسقاط النظام الإيراني أو على الأقل خلخلته داخليًا، بدفعه إلى الانكفاء نحو الداخل.
القيادة الإسرائيلية، وفي مقدمتها بنيامين نتنياهو، تعتبر أن “التهديد الإيراني لم يعد مؤجلًا، بل آنيًا”، وفق تصريح له في مؤتمر الأمن القومي مارس 2025.
وفي الوقت الذي تُبرر فيه إسرائيل هجماتها بأنها “دفاعية”، فإن السياق يُشير إلى استراتيجية استباقية تهدف إلى إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية لصالح تل أبيب قبل نهاية 2025، خاصة مع تحولات داخلية تشهدها الولايات المتحدة في ظل انتخابات رئاسية حاسمة.
حزب الله وجبهة الشمال – بين الردع والتصعيد
حزب الله، الحليف الأقرب لإيران، دخل المعادلة بقوة. ففي خطاب له يوم 17 يونيو 2025، قال الأمين العام للحزب حسن نصر الله:
“لن نسمح أن تُهاجم إيران ونقف متفرجين… جبهتنا في الجنوب ستكون مشتعلة”.
المخاوف الإسرائيلية الحقيقية لا تتعلق فقط بالصواريخ القادمة من إيران، بل بصواريخ حزب الله الدقيقة التي تُغطي كل الشمال الإسرائيلي.
هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة:
دخول محدود للحزب: بقصف مستوطنات الشمال دعمًا رمزيًا لإيران.
فتح جبهة كاملة: معركة متعددة الأيام أو الأسابيع تشمل الطائرات المسيرة والانفاق الهجومية.
تجنب التدخل المباشر: مع تعزيز التنسيق الاستخباراتي.
السيناريو الثاني هو الأخطر، لأنه قد يُجبر إسرائيل على اجتياح لبنان، كما حدث عام 2006، وهو ما سيُعيد خلط الأوراق بالكامل في المشرق.

الحوثيون واليمن – جبهة البحر الأحمر تشتعل
في اليوم التالي للهجوم الإسرائيلي، أعلن المتحدث العسكري للحوثيين استعدادهم لدعم إيران “في أي مواجهة مع العدو الصهيوني”. هذا الإعلان يحمل في طياته أبعادًا استراتيجية خطيرة:
-الحوثيون يسيطرون على ممر استراتيجي (باب المندب)، وتوسع العمليات البحرية قد يُهدد الملاحة العالمية.
-الهجمات على السفن الإسرائيلية قد تُجبر تل أبيب على التدخل في البحر الأحمر.
-السعودية قد تجد نفسها مجددًا في مرمى التصعيد بعد سنوات من الهدنة.
اليمن، بهذا الدور، يتحول من صراع داخلي إلى مسرح مواجهة إقليمية مفتوحة.

صدى الحرب في آسيا – باكستان، أفغانستان، ودول الخليج
الحرب أثارت القلق في جنوب آسيا، خاصة لدى باكستان التي تربطها علاقات استراتيجية مع إيران لكنها تُحاول الحفاظ على توازن مع الخليج والولايات المتحدة، الخارجية الباكستانية أعربت عن “قلق بالغ” من الحرب، محذرة من “تداعيات تمتد إلى آسيا الوسطى”.
أي انفجار كبير في إيران قد يؤدي إلى:
نزوح جماعي نحو حدود باكستان الشرقية.
تصاعد النشاط الجهادي في أفغانستان والحدود الغربية.
تدهور أسعار النفط العالمية، ما يُهدد الاقتصادات الآسيوية المستوردة للطاقة.
وهذا يُفسر اتصالات دبلوماسية متسارعة بين الصين، روسيا، وباكستان خلال الأيام الأخيرة.

موقف مصر – الوساطة الممكنة وقلق الأمن الإقليمي
مصر تقف على تقاطع بالغ الحساسية في هذا النزاع:
اتفاقية السلام مع إسرائيل.
تاريخي للقضية الفلسطينية.
قلق استراتيجي من التمدد الإيراني في البحر الأحمر وليبيا وسيناء.
في تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي ، شدد على أن “الحرب الإقليمية لن تخدم أي طرف… ومصر لن تقبل زعزعة الاستقرار على حدودها وفي المنطقة “.
الدور المصري قد يتطور ليشمل:
مبادرة تهدئة سياسية بين طهران وتل أبيب برعاية عربية.
تنسيق مع السعودية والإمارات لاحتواء الحوثيين.
الضغط على فصائل غزة لتفادي الانجرار لمعركة شاملة.

المفاضلة بين السيناريوهات – أي مستقبل للمنطقة؟
سيناريو التصعيد الكامل:
فتح جبهات متعددة (لبنان، اليمن، العراق، سوريا).
انهيار اقتصادي في إيران.
استخدام محتمل لأسلحة غير تقليدية.
تدخل أمريكي مباشر.
سيناريو الاحتواء الجزئي:
وقف إطلاق نار بوساطة مصرية تركية قطرية.
تهدئة إعلامية مقابل انسحاب تكتيكي.
تبريد المواجهة لعدة أشهر.
سيناريو انهيار النظام الإيراني:
احتجاجات شعبية متزامنة مع الانهيار الاقتصادي.
صعود تيارات متطرفة داخليًا.
اختلال توازنات القوى في الخليج وآسيا الوسطى.
المفاضلة الموضوعية تشير إلى أن سيناريو الاحتواء الجزئي هو الأكثر واقعية على المدى القصير، لكنه لا يُعالج جذور الصراع ولكن يبقى سناريو جنون القرار في البيت الابيض عند الرئيس ترامي هل يريد حرب عالمية على طريقة هرمجدون وويتوهم بوعود اسرائيل بالقظاء على ايران بعد رسالة الاستغاثة من سفير الولايات المتحدة في الكيان ان صوت الرب يناديك وهي رسالة استغاثة جعلتة يقطع قمة ال7 من كندا ويعود لاجتماع طارئ لمجلس الامن القومي وبهذا يفجر المنطقة والعالم .
لحظة مفصلية في تاريخ الشرق الأوسط
نعيش اليوم واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخ الإقليم منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. الحرب الحالية لا تهدد فقط أمن إسرائيل وإيران، بل تُهدد النظام الإقليمي برمته، من اليمن إلى باكستان، ومن غزة إلى بيروت، تداعيات هذه الحرب قد تُعيد رسم خريطة التحالفات والصراعات لعقد قادم.
دور مصر والدول الكبرى سيكون حاسمًا في تحويل هذه اللحظة من كارثة إلى فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، على رأسها: تحقيق السلام العادل للقضية الفلسطينية، وتحجيم الانفجارات الإقليمية قبل أن تتحول إلى مواجهة دولية مفتوحة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى