كيف تعيد الحروب الإقليمية رسم خارطة التحالفات في الشرق الأوسط؟

إعداد: فريق موقع السفير
تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جذرية في موازين القوى السياسية والعسكرية، مع تصاعد الحروب والصراعات الإقليمية التي تنذر بإعادة رسم خارطة التحالفات التقليدية. من غزة إلى السودان واليمن، تعكس هذه النزاعات صراعات أعمق بين قوى إقليمية ودولية تسعى لإعادة ترتيب نفوذها في منطقة حيوية تستقطب اهتمام العالم بأسره.
خلفية وسياق تاريخي
على مدى عقود، هيمنت قوى إقليمية مثل السعودية وإيران، وقوى دولية كأمريكا وروسيا على ملامح الصراعات في الشرق الأوسط. وقد أدت الثورات العربية بداية العقد الماضي، إلى اندلاع حروب أهلية ونزاعات مسلحة عديدة، ما أضعف تماسك بعض الدول وأعاد ترتيب التحالفات. من جهة أخرى، أدت التغيرات في السياسة الدولية وتراجع النفوذ الغربي في المنطقة إلى ظهور تحالفات جديدة تسعى إلى تعزيز موقعها.
سرد الوقائع والأحداث
غزة
تصاعدت المواجهات العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023، مما دفع العديد من الدول العربية إلى مراجعة مواقفها التقليدية تجاه القضية الفلسطينية. وبرز دعم شعبي ورسمي متزايد للمقاومة، في حين حافظت بعض الدول على سياسة الحياد أو دعم الاحتلال ضمن أطر دبلوماسية.
السودان
يشهد السودان صراعًا دامٍ بين الجيش وقوات الدعم السريع، وقد تدخلت عدة دول إقليمية ودولية لدعم أطراف النزاع، ما جعل الأزمة أكثر تعقيدًا. مصر والسعودية والإمارات تسعى لتعزيز نفوذها عبر دعم جهات معينة، بينما تلعب روسيا وأمريكا أدوارًا سياسية عميقة تتوازى مع مصالحهما الاستراتيجية.
اليمن
رغم إعلان هدنة نسبية، لا تزال اليمن مسرحًا لصراع معقد بين الحوثيين والتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، مع دور متزايد لجهات إقليمية أخرى مثل إيران. هذه الهدنة لا تزال هشّة وسط ترقب إقليمي ودولي لتطورات محتملة.
التحليل والتفسير
الحروب الإقليمية الحالية ليست مجرد صراعات محلية، بل هي تعبير عن تنافس إقليمي واسع النطاق يهدف إلى إعادة تشكيل خريطة النفوذ السياسي والعسكري في الشرق الأوسط. يظهر ذلك بوضوح في تحولات مواقف الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية، وفي صراعات النفوذ بالسودان، وتغير مواقف القوى الكبرى تجاه النزاعات اليمنية.
إن الدعم المتغير لأطراف النزاع يعكس محاولة كل دولة أو محور لتعزيز مصالحه، سواء من خلال بناء تحالفات جديدة، أو محاولة فرض نفوذ أكبر على الأوضاع الإقليمية.
اقتباسات الخبراء
قال الدكتور مازن الحسن، أستاذ العلاقات الدولية:
“ما نشهده في الشرق الأوسط اليوم هو بداية عصر جديد من التحولات السياسية التي قد تعيد صياغة التوازنات الإقليمية والدولية. الصراعات لا تقتصر على الميدان العسكري، بل تمتد لتشمل السياسة والاقتصاد والدبلوماسية.”
وأضاف:
“تداخل المصالح الدولية مع الإقليمية يزيد من تعقيد المشهد، ويجعل التنبؤ بالمستقبل أكثر صعوبة، لكنه بالتأكيد يفتح أبوابًا لفرص جديدة للتحالفات.”
مع استمرار النزاعات وتداخل الأجندات الإقليمية والدولية، يبدو أن الشرق الأوسط يشهد إعادة إنتاج لخرائط النفوذ والتحالفات السياسية والعسكرية التي قد تستمر لعقود. يبقى السؤال المحوري: هل ستقود هذه التحولات إلى استقرار جديد في المنطقة، أم أنها مقدمة لمزيد من الصراعات التي قد تهدد الأمن الإقليمي والدولي؟