نصوص مسرحية طرحت القضية الفلسطينية أبرزها "باب الفتوح" لمحمود دياب

القضية الفلسطينية كانت ولا تزال حاضرة في المسرح العربي، منذ القدم، ولعل تلك القضية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنسانية بكل معانيها، وكأنك تناضل من أجل إخوانك في فلسطين من خلال مسرحك وفنك، وهو أضعف الإيمان.

منذ أكثر من نصف قرن تقريبا، بدأ كبار الكتاب في العالم العربي تقديم نصوص حول القضية الفلسطينية في نصوصهم المسرحية لتصل صرخات ذلك الشعب المكلوم إلى أبعد الحدود، حرصا على إيصال فكرة ذلك الكيان الصهيوني الذي يُبنى دائمًا على بقايا قوم ضعفاء يقاتلونهم بالحجارة بينما يقاتلونهم بقوى أقوى. الأسلحة.

ونجد أن تلك النصوص المسرحية التي كتبت عن القضية الفلسطينية كان دافعها الجانب الغاضب والمستنكر مما يحدث، فنجد فيها الكثير من الحماس والغضب والشعارات. ولذلك نستطيع أن نقدم كافة النصوص المسرحية التي ناقشت القضية في أي وقت وفي أي وقت لأن القضية لم تتغير منذ بدايتها. وهو نفس الصراع ونفس العنف الذي يمارسه العدو الغاصب ضد الشعب الفلسطيني.

ومن أهم النصوص المسرحية التي ناقشت هذه القضية مسرحية “شعب الله المختار” لأحمد علي باكثير، هذا الكاتب الذي كرس الكثير من أعماله لدعم القضية الفلسطينية. ولعل تلك المسرحية كانت استهزاءه باللقب الذي أطلقه اليهود على أنفسهم وهو “شعب الله المختار”، كما أوضح في هذه المسرحية يظهر بطريقة ساخرة أن هذا الشعب الذي يدعي أنه شعب الله المختار هو في الحقيقة بخيل شهواني، والطماعون، ويدعون فضل الخلق وهم منه بعيدون. خلال تلك المسرحية، تمكن باكثير من القفز بالزمن وتخيل ما سيحدث بعد ذلك. حتى أنه تصور نهاية هذا الكيان الصهيوني الغاصب. ولم يكن من الصعب عليه أن يتخيل ذلك لأنه نتيجة حتمية لكل ظالم ظالم سرق حقوق الآخرين وقتل وشرّد شعباً ضعيفاً. ووضع باكثير حداً للسلطة التي ادعت أنها “شعب الله المختار”.

ومن أكثر النصوص التي ناقشت هذه القضية وما زالت تعرض حتى يومنا هذا، مسرحية “باب الفتوح” لمحمود دياب. واستطاع دياب خلال تلك المسرحية أن يعرض الظلم والألم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني. وقد تناول القضية من خلال بطل شعبي يدعى “أسامة بن يعقوب” الذي أراد من خلال كلامه الوصول إلى الحقيقة، كما أراد أن يلتقي بصلاح الدين الأيوبي ليسلم كتابه “باب الفتوح”. والذي فيه الكثير من الحقائق التي أهملها الأيوبي. وفي طريقه إليه صادف رجلاً عجوزاً وحفيدته كانا عائدين إلى بيتهما في فلسطين، وقد امتلأا فرحاً ولكنهما تفاجأتا. وتحول منزلهم إلى بيت للدعارة من قبل اليهود. حاول الرجل العجوز استعادة منزله، لكنهم جروه وسجنوه. ولم يكتفوا بذلك بل قتلوا أسامة بن يعقوب حتى لا يصل إلى صلاح الدين الأيوبي. كانت نظرة دياب مأساوية إلى حد ما، ولكن ليس من فراغ، فكل المواقف أوصلتنا إلى تلك النهاية، لكنه لم ينس. هناك أمل في نفوس المشاهد من خلال الكلمات التي كتبها أسامة في كتاب “باب الفتوح”، ولعل أبرزها “لا وطن حر دون شعب حر”.

وهناك أيضاً نص “اغتصاب” للأديب الكبير سعد الله ونوس، وهو الأقدم بين القصتين. تدور القصة حول عائلة فلسطينية مكونة من عروسين هما الزوج إسماعيل وعروسه دلال، ومن خلالهما قصة كل فلسطيني. إسماعيل شاب ينشط في خلية جهادية فلسطينية، تم اعتقاله بعد 3 أشهر من زواجه. ترك عروسه دلال حامل، دون أن يخبرها بهويته أو طبيعة عمله السري، وإلا لما تمكن من الزواج منها. القصة الثانية لعائلة إسرائيلية: إسحاق بنحاس وزوجته راحيل بنحاس. إنهم يعيشون في منزل مع والدة إسحاق ولديهم طفل. إسحاق بنحاس رجل أمن يعمل. في الفرع الداخلي الذي يعتني بالسكان المحليين في الأمن الوطني.

يتم القبض على إسماعيل ويجبر هو وبقية أعضاء الخلية على الاعتراف عبر وسائل التعذيب المختلفة، ولعل أقسى وأصعبها هو اغتصاب عروسه الحامل أمام عينيه من قبل جميع رجال الأمن الإسرائيلي السابقين و تعذيبها لإجباره على الاعتراف. وفي المقابل يحاول الطبيب تعريفنا بمجمل العلاقات المرضية والشاذة التي توحد الكيان. «الصهيوني»، لأنه يستخدم هذه الكلمة في أماكن كثيرة، مصوراً لنا حالات الخيانة والعصاب والبرود الجنسي والنرجسية، وغيرها من المشاكل النفسية المرتبطة بما يحدث للجانب الفلسطيني.

كما كان للفنان الكبير يوسف وهبة نص مسرحي عن القضية الفلسطينية، وقد كتبه تحديدا بعد إعلان الكيان الصهيوني أن فلسطين أصبحت دولته. فكتب وهبة فيلم «الصهيوني» الذي قام أيضًا ببطولته وأخرجه على مسرح الأوبرا الملكية، وشاركه في البطولة (فؤاد شفيق، أمينة رزق). وتدور أحداثه حول شاب هو ابن الجندي العجوز باشا. يشعر بعدم الرضا عن والده الذي يراه شابًا تافهًا، فيقرر أن يصبح ضابطًا في القوات الجوية للجيش المصري استجابة لنداء الواجب في الحرب الصهيونية في فلسطين، وتدور بقية الأحداث حول قضايا التجسس.