جودة لطفى يكتب من الآخر : نتنياهو يطيل الحرب على غزة منعا لمحاكمته
فى الواقع يربط عدد كبير من المحللين والمتابعين للشأن الإسرائيلي تعنّت بنيامين نتنياهو في موضوع وقف إطلاق نار قد يفضي إلى وقف الحرب في قطاع غزة إلى خوفه على مستقبله السياسي، وأن وقفًا للحرب يعني أنه سيواجه انهيارًا لحكومته وتحمل مسؤولية الفشل الكبير
هذا التحليل وإن بدا في بعض جوانبه موضوعيًا، لكنه غير كافٍ لتفسير عدم وقف الحرب حتى اللحظة، رغم أنها – ومنذ أشهر – تبدو عبثية من الناحية العسكرية، وسمتُها الأساس، القتلُ والتدمير والمبالغة في انتهاك القوانين والأعراف الدولية، وإدارة الظهر لكل القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة، وعن المحاكم الدولية الداعية لوقف فوري لحرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
حاول نتنياهو من خلال إطالة أمد الحرب أن يظهر أمام اليمين المتطرف بأنه رئيس وزراء استثنائي، وقائد بقدرات لم يمتلكها أحد من قبله، أو “شمشون الجبار “، القادر على مواجهة المعارضة الإسرائيلية والجيش وقوى الأمن، بالإضافة إلى مجلس الأمن الدولي، والمحاكم الدولية، وموقف دول الغرب والشرق الداعين لوقف الحرب ووضع حدّ للمجزرة المفتوحة ضد المدنيين الفلسطينيين..
تبني هذا التحليل يفترض أنّ كل هذه الأطراف صادقة وجادة في وقف الحرب، وأن الوحيد الذي يرفض ذلك هو نتنياهو، وأنه حقًا لديه كل هذه الإمكانات والمهارات والقدرات التي تمكّنه من ذلك، وهذا فيه الكثير من المبالغة والمجافاة للحقيقة.
التدقيق في البيئة السياسية الداخلية والإقليمية والدولية وما تفرزه من عوامل مؤثرة في هذه الحرب واستمرارها، يظهر بشكل جلي أنّ نتنياهو لا يمارَس عليه ضغط حقيقي لكي يوقف الحرب، وهو لا يشعر بالخطر من أي من الأطراف القادرة، باستثناء الجبهة الداخلية في الكيان، بل إن غالبية هذه الأطراف قدمت منذ بداية الحرب وما زالت، كل الدعم المطلوب لاستمرارها
بات واضحاً أن نتنياهو يواصل فرض وقائع جديدة على الأرض في قطاع غزة، وقام بتعيين مسؤولين عسكريين لإدارة شؤونه المدنية، ويكرّس احتلال القطاع، والسيطرة على حدوده؛ بحجج وذرائع واهية، ويقوم بتعطيل وتخريب مفاوضات الهدنة، وتستنجد حكومته بدوامة العنف، وإشعال الحرائق في ساحة الصراع، وتسعى إلى توسيع دوائرها لتشمل الضفة الغربية المحتلة والإقليم لتحقيق الأهداف ذاتها».
وأكدت أن «الشروط التي يروّج لها نتنياهو التالي للحرب ورفضه عودة قطاع غزة إلى الشرعية الفلسطينية تندرج في إطار سياسته القائمة على استمرار الفصل بين الضفة والقطاع؛ لضرب فرصة تجسيد دولة الشعب الفلسطيني».
يصادف اليوم مرور 335 يومًا على واحدة من أكثر الحروب وحشية التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. استهدفت هذه الحرب أرواح الأبرياء ودمّرت المنازل والمرافق الحيوية. ورغم الحصار والدمار، استمر الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية في الوقوف بشموخ، متمسكًا بحقوقه المشروعة، في ظل صمت دولي مخجل، سواء من العالم العربي أو الإسلامي أو المجتمع الدولي.
منذ بداية هذا العدوان، أثبتت غزة أنها الحصن المنيع وخط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، وأنها الحامي الرئيسي للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية. لقد تحولت غزة إلى أيقونة للصمود في وجه آلة الحرب الإسرائيلية التي لا تعرف الرحمة. كل يوم، وكل ساعة، يُظهر الشعب الفلسطيني في غزة قدرته على التحمل والتحدي في مواجهة أشد أشكال العدوان وحشية